أولاً: الذين يقولون لا إله إلا الله بألسنتهم، ولكن لا يقولون ذلك بقلوبهم, ولم يقروا بقلوبهم - أي: يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم - فهؤلاء ليسوا مسلمين, ولا يوجد أحد يقول: هؤلاء مسلمون، لأنه يقول بلسانه ما ليس في قلبه، وإن شهد أن لا إله إلا الله أن محمداً رسول الله، وإن أعطيناه أحكام الإسلام الظاهرة -كما تقدم- لكن هو عند الله تبارك وتعالى ليس مسلماً لأن قلبه لم يذعن, ولم يقر, ولم يشهد بقلبه بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والفرقة والطائفة التي ذكرها الله تعالى في القرآن كثيراً, والتي تقول بلسانها لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا تقر بقلبها هم: المنافقون.
والمنافقون ليسوا مسلمين, ولا يعدون من المؤمنين, ولذلك يدعوهم الله سبحانه إلى الإيمان وإلى الإخلاص، كما في سورة التوبة وسورة المنافقين وسورة النساء وغيرها؛ لأنهم إن قالوا لا إله إلا الله بألسنتهم لا يقولونها بقلوبهم، ولا يعتقدونها ولم يخلصوا فيها، فليسوا صادقين في قولها، ولهذا يقول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ))[التوبة:119].
وهذه الآية قد قالها بعد التعقيب على أحداث غزوة تبوك, حيث نزلت سورة التوبة, وفضح الله تعالى المنافقين فيها، وختمها بهذه الآية العظيمة: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ))[التوبة:119] فلا بد من الصدق في قولها، وأما الكذب فمهما قالوا كلمة التوحيد وشهدوا بها, فالله يعلم إنهم لكاذبون, وهؤلاء شهادتهم باطلة, ولا تنفعهم عند الله.